نصير تكتب: لماذا لا يسمع صوت طلبة الجامعات؟!
اد امل نصير
تناولت مواقع التواصل الاجتماعي، والمحطات الفضائية منذ أيام موضوع التعليم عن بعد، والامتحانات الإلكترونية، ومطالبات الطلبة بعدم اللجوء للامتحانات الإلكترونية، وتخوفهم منها لأسباب باتت معروفة أهمها ضعف البنية التحتية وتباينها من مكان إلى آخر، وعدم الجاهزية لهذا النوع من التعليم عند غالبية الأساتذة، وكذلك عند غالبية الطلبة، وبالتالي عدم الجاهزية للامتحانات الإلكترونية.
بذلت وزارة التعليم العالي ومجلسها، ورؤساء الجامعات جهودا مقدرة، وحاول غالبية المدرسين التعامل مع ظرف الكورونا بالتحوّل السريع إلى التعلم عن بعد رغم ضعف ذات اليد الكترونيا عند الغالبية، ولكن شدة حرْص كثيرين منهم، وعلو همتهم، وما تعودنا أن نراه عند الأردني في الأزمات من إخلاص لوطنه وأهله جعلهم يضاعفون الجهد لقهر الظروف، ولكن كثيرا من الأساليب كانت بدائية وغير مقنعة للطلبة.
أما الطلبة، فيمكن القول أن نسبة كبيرة منهم حاولت التكيف مع التحوّل المفاجئ في التعلم عن بعد بمتابعة أساتذتهم، ولكن لم يحالف التوفيق نسبة كبيرة منهم؛ لغياب المعلومات الإلكترونية، وندرة التدريب على هذا النوع من التعليم مع الاختلاف بين طالب وآخر، ومن تخصص إلى آخر، ومن جامعة إلى أخرى، وكذلك من منطقة جغرافية إلى أخرى.
جعلت الظروف السابقة مجتمعة الطلبة يطالبون بما يسمى بالنجاح التلقائي؛ للتخلص من هذه الأزمة التي يراها كثير منهم أنها أسوأ من أزمة الكورونا نفسها، شجعهم على ذلك وقوف عدد من أعضاء هيئة التدريس إلى جانبهم، وتطبيق هذه الآلية في جامعات إقليمية ودولية يصنف بعضها على أنها من أفضل الجامعات عالميا، وأكثرها عراقة، وكذلك إمكانية توصيل صوتهم بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، فاجتمعت كلمتهم، ودعموا بعضهم بعضا بحيث شكلوا قوة ضغط أراها في كل يوم تزداد انتشارا وقوة.
التساؤل الذي يطرح نفسه اليوم؛ لماذا لم تعمل الوزارة ومجلس التعليم العالي على الاستماع إلى الطلبة قبل أخذهم القرار لاسيما أن الطلبة معنيون فيه بالدرجة الأولى، وهم يشكلون قوة ضغط كبيرة بعددهم الذي يزيد عن ٣٠٠ ألف طالب وطالبة؟ ولماذا لم يجتمع الوزير باتحادات الطلبة في الجامعات، الذين يمثلون الطلبة، ويوصلون صوتهم، وإلا فما فائدة وجود هذه الاتحادات إذا لم نستمع إليها، وتفعيل دورها، والأخذ برأيها تعزيزا لمبدأ الديمقراطية أو على الأقل محاورتهم وشرح أسباب أخذ هذا القرار أو ذاك، وإشعارهم بأنهم مشاركون في صنع القرارات التي تهمهم بالدرجة الأولى.
إن تهميش دور الطلبة، وعمادات شؤونهم في الجامعات جعل الطلبة يتجهون إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وكشفوا عن خبايا أمور لم تكن معلنة ؛ مثل: إن عددا من أعضاء هيئة التدريس لم يعطوا محاضرة واحدة، ولم يتواصلوا مع طلبتهم بأي وسيلة، وان العميد غير قادر على فعل شيء معهم، أما طلبتهم، فهم تائهون حائرون، خائفون منهم، مثلما هم خائفون من الامتحان الإلكتروني الذي يرونه سيفا مصلتا على رؤوسهم تريد الوزارة تطبيقه لمصلحة منصات تعليمية، وشركات الاتصالات -كما يقولون- وللتأكيد بأن التعليم عن بعد قد نجح، والأمور جميعها تمام، وهي تعلم علم اليقين أنها ليست تمام، ولو نزلوا إلى الميدان سيسمعون قصصا وحكايات كثيرة ستؤثر على قراراتهم لا محالة إن كانوا فعلا يريدون جودة التعليم وسمعته.
يمكن لوزارة التعليم العالي أن تأخذ برأي غالبية الطلبة بترصيد ٥٠ علامة لجميع الطلبة اي علامة النجاح، فتعطيهم الطمأنينة بالتقدم للامتحان براحة نفسية، فمن بذل جهدا وساعدته ظروفه، قد يأخذ علامة تنصفه وترفع معدله، ومن ظلم وخانته ظروفه يشعر بقدر من الرضى؛ لأنه لم يرسب في المادة _ شريطة أن يكون هذا مقابل جعل هذا الفصل فصلا تجريبيا على التعليم عن بعد والامتحانات الإلكترونية، فنكون اصطدنا أكثر من عصفور بحجر الكورونا؛ أجبرنا الجامعات على التحوّل إلى التعلم عن بعد لمواكبة المستجدات العالمية وخدمة لاقتصاد المعرفة، وأخذنا الوقت الكافي لمعرفة ما يمكننا فعله لتحسينه وتصويبه، ودربنا أعضاء الهيئات التدريسية والطلبة على آلياته.